مصر هبة النيل كلمة قالها المؤرخ هيريدوت عندما أراد أن يصف مصر الحبيبة.
فأراضيها غنية بالعديد من الثروات الطبيعية التي لا تجدها في مكان آخر غير مصر.. حيث تتنوع فيها الأقاليم البيئية بين واحات وصحاري وجبال وسواحل متنوعة وإضافة إلى ذلك نهر النيل والوادي والدلتا، والعديد من الآثار السياحية المنتشرة في جميع أنحاء مصر، والعديد من الثروات الأخرى التي لا حصر لها، ولكنك إذا فكرت ونظرت إلى استغلال هذه الثروات ستجدها غير مستغلة تماما فمصر تستورد معظم حاجياتها من الخارج ولا عجب أنها تقوم باستيراد 60% من القمح و98% من العتس من خارج البلاد.
التحول من الزراعة إلى الصناعة
قالوا أنهم سيحولون مصر من بلد زراعي إلى بلد صناعي ولكن الظاهر أن الحكومة لم تكن مستعدة تماما ولم تقم بعمل أي خطة استراتيجية طويلة الأجل ولا خطة تكتيكية قصيرة الأجل اعتمدوا على العشوائية فلم نرى إلا بلدا عشوائية لم ترتقي لأن تكون من الدول الصناعية كما كان يردد الأبواق ولا بقيت على حالها كبلد زراعية وتكفي حاجاتها من المنتجات الغذائية، فعلى الرغم من وجود النيل الغير مستغل تماما والذي إذا استغل بطريقة صحيحة لوفرت مصر على نفسها عناء استيراد القمح والفول من أمريكا واستيراد الأسماك من الصين مثلا.
عندما تذهب لتشتري أي منتج ولست أبالغ عندما أقول أي منتج تجد عليه عبارة (صنع في الصين) والأدهى من ذلك أن الكثير من الدول العربية سبقتنا تكنولوجيا وصناعيا فمنذ فترة بسيطة كنت أتجول في شارع عبدالعزيز الذي يعتبر أكبر سوق للأجهزة الإلكترونية وجدت أجهزة كهربائية مكتوب عليها عبارة صنع في قطر، وأيضا أعلنت مصر من عدة أيام أنها تستعد لاستيراد سيارات تم صناعتها في المغرب.
التحول من الصناعة إلى التجارة
بعد التأكد من فشل فكرة التحول من دولة زراعية إلى دولة صناعية ظهرت أبواق جديدة تنادي بالتحول إلى التجارة الدولية.. وكيف لدولة لم تنجح صناعيا أن تنجح تجاريا فالتجارة تعتمد على شيء من اثنين إما الزراعة وإما الصناعة ودولتنا لم تفلح في أي منهما فأصبحنا بدلا من دولة تجارية أصبحنا دولة مستوردة تعتمد على الصناعات والزراعات الخارجية لسد حاجتها الداخلية.
العشوائية تحكم البلاد
لا تعجب.. فالعشوائية هي التي تحكم مصر منذ خلقها الله عز وجل فلم نجد أحدا يخطط لهذه البلد أو يقوم على الأقل بتنظيم العمل فيها أو حتى وضع مبادئ وأسس تسير بالبلد إلى بر الأمان بعد أن أصبح الفقر مخيما عليها وأصبح رغيف العيش شيء صعب المنال، وبعد اختفاء الطبقة الوسطى في مصر وأصبحت الدولة عبارة عن طبقة عليا حاكمة ومحتكرة وطبقة فقيرة تعاني قسوة الجوع ومرارة الحرمان.
ولا عجب أيضا أن تسير في طريق وتجد بعض العمال يقومون بالتنقيب لعمل شبكة مياه ثم بعد الانتهاء تقوم الدولة برصف الطريق وبعد الانتهاء من عملية الرصف تجد عمالة أخرى تقوم بالتنقيب في نفس المكان لإصلاح شبكة الكهرباء ثم تعود لرصف الطريق مرة أخرى وبعد أقل من شهر تجد عمالة أخرى تقوم بالتنقيب في نفس الطريق لعمل صيانة لشبكة التليفونات وإعادة الرصف مرة ثالثة.. وهكذا .. لا اسم ولا معنى لهذا الكلام سوى أنها عشوائية.
وإذا نظرت لأماكن تواجد المصالح والهيئات الحكومية تجدها موجودة في أكثر الأماكن ازدحاما فإذا ما أردت أن تذهب إلى مكان من هذه الأماكن تجد نفسك أمام زحام شديد جدا في الطريق حتى أنك لا تكاد تصل وإن وصلت إلى المكان الذي تريد فإنك سوف تذهب متأخرا جدا وتجد الموظف المحترم يرد عليك بالعبارة الشهيرة “فوت علينا بكره يا سيد”.. وهكذا..
انعدم الأمن وازداد الفقر وارتفعت معدلات البطالة وكثرت الحرائق وظهرت الإضرابات بشدة وازدهر التسول ولا تكاد تمضي في شارع إلا وترى فيه على الأقل رجلا أو سيدة تتوسل إليك بالدعاء باسطة يديها لتعطيها مما أعطاك الله، ولا تمر على أحد الميادين إلا وتجد عشرات الجالسين بحثا عمن يطلب منه أداء عمل معين مقابل مبلغ مالي بسيط يسد حاجته ليعود إلى أولاده ببعض النقود التي تسد جوع أولاده لا ليشتري اللحوم والخضار ولكن ليشتري ما يسد جوعه وجوع أولاده.
كان الله في عونك يا مصر وحفظك لنا فمهما حاولوا أن يثنونا عن حبك فلن يصلوا.. لأن حبك متغلغل في أعماق قلوبنا يصوننا ونصونه، تحملينا على أرضك ونحملك على أكتافنا، مهما طال الزمن فنحن منك وبك سوف نحيا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق